عمرو عبيد (القاهرة)
على طريقة المخابرات التي تستخدم جاسوساً أو عميلاً، يتم زرعه داخل صفوف جهاز منافس، للاستفادة من موقعه أو لنقل المعلومات الخطيرة، فاجأ أرنستو فالفيردي المدير الفني لبرشلونة منافسه سباليتي مدرب إنتر بإشراك البرازيلي رافينيا، خلال مواجهة الفريقين في الجولة الثالثة من مرحلة المجموعات في شامبيونزليج، التي انتهت بفوز البلوجرانا بهدفين، حيث برز الذي خرج للإعارة في صفوف الأفاعي لمدة 6 أشهر، وهي الفترة التي كانت كافية لكشف كل مواطن الضعف لدى النيرآتزوري، ومن ثم رافينيا بلدغته الأولى على طريقة «الكوبرا»، التي فتحت الطريق نحو فوز مهم جداً للفريق الكتالوني، في ظل غياب نجمه الأسطوري ليو ميسي، ومنحته الصدارة المطلقة للمجموعة الثانية بعلامة كاملة من 3 انتصارات متتالية، تقربه كثيراً من التأهل إلى المراحلة الإقصائية.
ويُعد الكانتارا ثالث لاعبي برشلونة، الذين انتقلوا على سبيل الإعارة إلى الإنتر، أو رحلوا عن صفوف الفريق الإيطالي من أجل اللعب بقميص البارسا، وكان الإسباني مارتن مونتويا قد أعير من برشلونة إلى إنترناسيونالي عام 2015، كما انتقل البرازيلي ماكسويل من النيرآتزوري إلى كتالونيا في عام 2009، إلا أنهما لم يتمكنا من زيارة شباك فريقهما السابق، مثلما فعل رافينيا، الذي جاء هدفه الأول كلدغة حقيقية، بعدما اخترق قلب دفاع الإنتر ليلتقط تمريرة سواريز الرائعة، ويودعها الشباك من الضربة الأولى، وخاض البرازيلي حامل الجنسية الإسبانية، 17 مباراة مع الفريق الإيطالي، سجل خلالها هدفين فقط، لكنه قدم مستوى جيداً أجبر البارسا على الاحتفاظ به هذا الموسم، وكان هو الورقة الرابحة السرية، التي فاجأ بها فالفيردي الجميع، إذ كان من المتوقع الدفع بالفرنسي ديمبيلي في التشكيل الأساسي، إلا أن خدعة الكانتارا ضربت النيرآتزوري في مقتل !
وأكد رافينيا في تصريحات عقب المباراة، أنه سعيد بالفوز والهدف الذي جاء بعد غياب عن المشاركة الأساسية في الفترة الماضية، وأشار إلى أن النجاح الباهر الذي يقدمه البارسا في دوري الأبطال هذا العام، في ظل رغبة الجميع داخل القلعة الزرقاء في حصد اللقب الغائب منذ ثلاث سنوات، وأكد أن هذا الانتصار سيمنحهم الكثير من الثقة قبل خوض الكلاسيكو أمام ريال مدريد، وعلى الجانب الآخر لم يقدم ماورو إيكاردي المستوى المتوقع، برغم أنه حامل الجينات الكتالونية منذ وجوده في لاماسيا خلال مرحلة الناشئين بين 2008 و2011، وسدد المهاجم الأرجنتيني 3 كرات فقط طوال المباراة، جاءت كلها خارج المرمى، وأبدى إيكاردي انزعاجه من مستوى فريقه خلال زيارته ملعب كامب نو ، خاصة عقب تصريحاته بأن غياب ميسي سيجعل المباراة متكافئة، وهو ما لم يحدث بالطبع، إذ سيطر البارسا على الكرة بنسبة 67% مقابل 33% لفريقه، وبلغت محاولات أصحاب الأرض 21 كرة مقابل 9 فقط للزائر، الذي لم يسدد بين القائمين والعارضة سوى مرتين مقابل 11 تصويبة دقيقة للاعبي البارسا.
شبح ميسي طارد الجميع في هذه المباراة، إذ ظهر البرغوث المصاب الجالس في المدرجات، خلال لقطات المباراة بعدد مرات يفوق تسديدات وتمريرات بعض لاعبي الفريقين طوال الـ 90 دقيقة، وانتظر كثيرون رؤية أداء البلوجرانا في ظل غياب النجم الأسطوري الأول، ليقدم البارسا مباراة قوية ورائعة تعكس الوجه الحقيقي للفريق في المنافسة الأوروبية، وتفتح الطريق نحو الكثير من التساؤلات الخاصة بتراجع المستوى محلياً، وربما كان التفسير المنطقي الوحيد لهذا الأمر، هو اطمئنان برشلونة لقدرته على الاحتفاظ باللقب المحلي، خاصة بعد المستوى المتراجع لأغلب المنافسين، وتركيزه الشديد على بطولة أوروبا هذه المرة، وإذا كانت الصحافة الكتالونية وصفت الحارس الألماني تير شتيجن قبل أيام قليلة بأنه، ميسي يرتدي قفازين، فإن روح ميسي ألهمت الجميع داخل نو كامب، حيث صنع سواريز وراكيتيتش الهدفين، بتمريرتين بينيتين رائعتين تشبهان لمسات ميسي في هذه المنطقة، والطريف أن الكرواتي لم يصنع سوى هدف واحد في الليجا سجله ميسي، والأكثر طرافة أن جوردي ألبا سجل هو الآخر هدفاً وحيداً في الدوري ببصمة ليو أيضاً، وكأن توقيع البرغوث يبقى حاضراً في كل مباريات برشلونة، حتى لو بقى جالساً في المدرجات !
وحمل هذا الانتصار عدة أرقام مميزة للفريق الكتالوني، منها إحراز رافينيا لهدفه الأول في دوري الأبطال، ليصبح اللاعب رقم 78 في القائمة التاريخية لأهداف البارسا الأوروبية، وهو رقم قياسي لم يسبقه إليه أي فريق آخر، كما أكمل سيرجيو بوسكيتس 100 مباراة قارية بقميص البلوجرانا، بواقع 97 مباراة في دوري الأبطال و3 في كأس السوبر، في حين حقق البارسا فوزه الأوروبي الأول من دون ميسي، بعد ما يزيد على عامين، إذ كان انتصاره الأخير في غياب ليو خلال نسخة 2016/ 2017، وجاء على حساب بروسيا مونشنجلادباخ بهدفين مقابل هدف واحد ، ومنذ هذا التاريخ، خاض ليو مع البارسا 20 مباراة أوروبية، انتصر الفريق في 12 منها مقابل 4 تعادلات و4 هزائم، وأخيراً سجل المدرب ارنستو فالفيردي انتصاره القاري التاسع مع برشلونة، من إجمالي 13 مباراة، بنسبة 69%، ولم يعرف فالفيردي الهزيمة قاريا مع الفريق الكتالوني سوى مرة واحدة، لكنها كانت ضربة قاضية، لصالح روما في إياب ربع نهائي النسخة الماضية.